التخطي إلى المحتوى الرئيسي

"أسبوع شباب الجامعات".. مبادرة أم مجاملة؟

استضافت جامعة المنيا أسبوع شباب الجامعات الأول لمتحدي الإعاقة، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، والدكتور خالد عاطف عبد الغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى، والدكتور جمال الدين على أبو المجد رئيس الجامعة، بمشاركة أكثر من ٢٠٠٠ طالب من متحدي الإعاقة من مختلف الجامعات الحكومية، وقد شملت فعاليات الأسبوع العديد من الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية والعلمية.
وبالرغم من كون هذه المبادرة التي تقدمت بها جامعة المنيا في إطار الاستجابة لإعلان الرئيس السيسي لعام ٢٠١٨ عامًا لمتحدي الإعاقة، بالتأكيد خطوة محمودة وتحرك ملحوظ في سبيل دعم متحدي الإعاقة، وتعزيز ثقتهم في أنفسهم وقدرتهم على مواجهة كافة تحديات الحياة، إلا أنه ومع كامل الاحترام لكافة الجهود المبذولة، ثمة بعض الأسئلة التي لا بد أن نسألها لأنفسنا حتى نتمكن من رسم خطوط عريضة، تساعدنا على تقييم تلك المبادرة أو غيرها، وتوجيه الجهود المبذولة في الاتجاه الصحيح والطريق الأمثل، في إطار السعي لتحقيق حياة كريمة حقيقية، تخلو من التمييز وتنعم بالاستقلالية التامة، لجميع ذوي الاحتياجات الخاصة.
والسؤال الأول هو: هل توجد سياسة واضحة ومحددة تنتهجها -أو يجب أن تنتهجها- مؤسسات الدولة المختلفة في سبيل تحقيق هذا الهدف؟  
والإجابة على هذا السؤال تتجلى في عدة مفاهيم متفق عليها، بين جميع الأوساط المعنية، سواء في بيانات الأجهزة التنفيذية والتشريعية ذات الصلة، أو في ما ورد في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أو حتى ما ذكره السيد رئيس الجمهورية أثناء إعلانه للعام الحالي عامًا لمتحدي الإعاقة، ومن هذه المفاهيم مثلًا  نجد مباديء: الاستقلالية والرعاية والتمكين والمساواة والدمج، وغيرها، والحقيقة أن أي مبادرة أو قرار لا يقوم على أحد هذه المباديء لهو قرار يفتقر إلى المعنى والهدف، مهما بدا لامعًا وبراقًا.
وهذا يقودنا مباشرة إلى السؤال التالي: هل حققت مبادرة أسبوع شباب الجامعات لمتحدي الإعاقة أحد هذه المباديء؟ الإجابة للأسف لا.
ونختص بالذكر هنا تحديدًا مفهوم الدمج، حيث ضربت به آليات تنفيذ تلك المبادرة عرض الحائط، لم يكن هناك داعٍ أبدًا لعزل الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة في أسبوع وحدهم لشباب الجامعات، فهذا يتعارض بشدة مع، ولا يساعد أبدًا على، تحقيق الدمج المنشود، خصوصًا أن فعاليات أسبوع شباب الجامعات تقام سنويًا لجميع الطلاب على حد سواء دون الاهتمام بأنشطة ذوي الاحتياجات الخاصة، فلماذا الفصل الآن؟ ألم يكن من الأفضل أن تقام الفعاليات لجميع الطلاب سويًا كالمعتاد، مع التأكيد هذا العام على إقامة كافة أنشطة متحدي الإعاقة، حتى يتسنى للطلاب جميعًا التقارب والتشارك في الأنشطة المختلفة، وبالتالي تقليص الفجوة المعنوية والمجتمعية بين الفئتين، والتأكيد على مبدأ المساواة؟.

إن استجابة المؤسسات المختلفة لإعلان رئيس الجمهورية للعام الحالي عامًا لمتحدي الإعاقة، لا تتطلب أبدًا أكبر كم من المبادرات والقرارت التي تحمل عنوان: "متحدو الإعاقة"، فالفارق الإيجابي الحقيقي يُصنع من خلال السير بمحاذاة المعايير والمبادئ المتفق عليها والمعلنة مسبقًا، كيفًا وليس كمًا.

مقال - مشروع تخرج: مجلة «إرادة»
 أبريل ٢٠١٨

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التكنولوجيا هي مفتاح دمج المكفوفين في المجتمع - حوار مع محمد أبو طالب

أمام البوابة الرئيسية لجامعة سوهاج، التقينا الناشط الحقوقي الشاب، ومدرب الكمبيوتر بمركز نور البصيرة للمكفوفين: محمد أبو طالب، وبخطوات واثقة مثيرة للذهول، قادنا إلى مكتبه الخاص في مبنى المركز الملحق بالجامعة، مستخدمًا عصاه البيضاء الصغيرة، والتي بدت وكأنها عديمة الفائدة أمام بصيرته وقدرته الفائقة على التنبؤ بما أمامه، وهكذا أكملنا طريقنا إلى المكتب حيث ألقى السلام على بعض المارة والجلوس الذين استطاع أن يميزهم بسهولة، وبعد أن رحب بنا ترحيبًا كريمًا، بدأنا معه هذا الحوار الثري، حول التكنولوجيا والإعاقة، الموسيقى والأمل، المستقبل والحياة العملية، فإلى نص الحوار.. بدايةً، كيف تحب أن تعرف القراء بنفسك؟ اسمي محمد صابر علي أبو طالب، من مواليد محافظة سوهاج، عام ١٩٨٨، ولدت كفيفًا، في أسرة تربوية حيث كان كلا والداي معلمَّين، أنهيت تعليمي الأساسي والثانوي في مدارس النور للمكفوفين، وبالرغم من تفوقي في الثانوية العامة، بالإضافة إلى رغبتي الشديدة في دراسة الحقوق، لم أتمكن من الالتحاق بالكلية بسبب اللاوئح التي تمنع قبول المكفوفين، اتجهت بعدها إلى كلية الآداب وأنهيت دراستي بقسم الدراسات الإس