في صباح كل يوم يستقل أحمد طارق -طالب الهندسة ذو الثلاثة وعشرين عامًا- دراجته البخارية، ويتجه إلى قلب وسط البلد -حيث وقعت الأحداث الأكثر تأثيرًا على شخصيته-، يفتتح متجره: «ق»، ويبدأ يومًا جديدًا من المقاومة.
وتتمحور طبيعة المكان حول الموسيقى المستقلة أو ما يُطلق عليه "الأندرجراوند ميوزيك"، فبمجرد دخولك تستطيع أن تستمع وتستمتع بكلمات وأنغام هذا اللون من الموسيقى، كما تستطيع أن تجد في «ق» تشكيلة واسعة من المقتنيات والملابس والديكورات يدوية الصنع والتي تحوي رموزًا وشعاراتٍ ورسوماتٍ تعبرعن هذا النوع الجديد من الفنون.
أحمد طارق مؤسس متجر «ق» |
يخبرنا أيضًا أنه من خلال «ق» يشجع صناعة المشغولات اليدوية الفنية، كما أطلق حملة باسم «شجع صناعة بلدك»، تهدف إلى منافسة العلامات التجارية العالمية من حيث الأسعار وجودة التصنيع، وتلمس أفكار الشباب في الوقت نفسه.
وعن بواكير فكرته يحكي لنا أحمد مفتتحًا كلامه بالحديث عن فترة بدء ظهور وانتشار الفرق الغنائية المستقلّة بُعيد ثورة يناير، وعن تعلقه بها حيث رأى أنها استطاعت أن تستقل ماديًا ومعنويًا عن الجمود الذي طغى على الساحة الفنية في تلك الفترة، تقترب من الشباب وتلمس مشاكلهم الحقيقية، وتعبر بصدقٍ عن أفكارهم ومشاعرهم، بعيدةً عن رتابة الألحان وَركاكة الكلمات وزيف المعاني. تعلّق أحمد بهذه الموسيقى وأنشأ مجموعة على فيسبوك أسماها «شعب الأندرجراوند» بهدف مشاركة موسيقاه المفضلة مع الأصدقاء، ويؤكد أحمد أن هذه المجموعة كانت أفضل ما حدث له في حياته، حيث تعرف من خلالها مجموعة كبيرة من الأصدقاء، وتمكنوا من بدء مشروع يحوّل هذه «الصُحبة» من مجموعة على الإنترنت إلى مقهىً على أرض الواقع يجتمعون فيه ويستمعون إلى أغانيهم المفضلة.
لكن تحقيق الأحلام لم يكن أبدًا بهذه السهولة، فلم يكمل مقهى "صُحبة" عامَه الأول قبل أن يضطر الأصدقاء إلى إغلاقه بسبب مضايقات تعرضوا لها من الحيّ بشأن مسائل قانونية، وبالرغم من ذلك لم يكن لهم أيضًا أن يستسلموا لليأس والإحباط بهذه السرعة، حيث افتتحوا متجرًا ضيّقاً جديدًا باسم "ق"، ليكون رمزًا لمقاومة الصعاب والإحباطات المادية والمعنوية التي تواجههم وأقرانهم، ولم يمض الكثير من الوقت قبل أن يتوسع «ق» ليعود متجرًا ومساحةً فنية للجمهور، ويصبح رمزًا للمقاومة على جميع المستويات.
فيتشر- نُشر في أخبار اليوم
عدد ٢٦ أغسطس ٢٠١٧
تعليقات
إرسال تعليق